قالت مريم: عمّو ... هو أنا رح ادخل النار وربنا بحرقني؟
قلت لها: مين قالك ؟
ردت عليّ مريم: الميس اليوم في الحضانة قالتلي إنتي حتدخلي النار وربنا رح يحرقك ويعذبك
سألتها: قالتلك ليه؟! انتي كذبتي أو عملتي حاجة غلط؟
قالت وهي تبكي: لا والله، هي سألتني مين اللي خلق الوردة؟ قلتلها الطينة، قالتلي لأ.. إنتي حمارة ما بتفهمي وربنا حيحرقك في النار لأن ربنا هو اللي خلق الوردة، قلتلها: لأ أنا عندي وردة وزرع في البيت طلعت من الطينة يبقى هي اللي خلقت الوردة.. قامت ضربتني وشتمتني وقالتلي ربنا حيدخلك النار وحتتشوي فيها، أنا خايفة قوي من ربنا ومن النار.
على فكرة مريم وردة صغيرة عمرها 5 سنوات فقط.. ولسة في أولى حضانة وهي بتحب الورد والزرع.. أول حاجة بتعملها لما تصحى من النوم تسقي الزرع والورد اللي في بيتها
*******
ما حدث لها في الحضانة أكد لي أن الحضانة ليست روضة للأطفال كما يطلقون عليها، وإنما جحيم لهم يقتل إبداعهم ويدفع مواهبهم ويحولهم لكائنات غبية.. فالطفل الذي يمتلك معدل ذكاء عالي بمجرد أن يدخل الحضانة يبدأ السادة المدرسون والمدرسات من أصحاب العقول المتحجرة في قتل قدراتهم الإبداعية
الطفلة الصغيرة ببرائتها وحبها للورد والزرع كانت تتأمل ما حولها وتكتشفه فاكتشفت أن الوردة بتخرج من الطينة يبقى الطينة خلقت الوردة كان المفروض من المدرسة المبجلة أنها تفهم مريم بطريقة مبسطة أن الوردة عملتها الطينة والطينة عملها ربنا، كان لازم تقدر صغر سنها وأنها لسه بتكتشف الكون مش تعملها رعب من ربنا وتخليها تعيش في حالة خوف
*******
حضانة مريم نموذج لعشرات من الحضانات التي انتشرت في السنوات الأخيرة وهي عبارة عن شقة ضيقة بها ما يزيد على 50 طفلاً محشورين مع بعض في حجرتين.. الحضانات دي أنشئت من غير ضوابط.. مجرد بيزنس وخلاص
أبو مريم راح الحضانة يشتكي المدرّسة.. فاعترضت وقالت له: يا أستاذ أنا خريجة كلية رياض أطفال وفاهمة شغلي كويس
كلية رياض أطفال المفروض إنها بتخرّج كوادر من المعلمات عندهم مقدرة على التعامل مع الأطفال
دور الحضانة المفروض انها تساعد الأطفال على تنمية تفكيرهم وتوسيع خيالهم لكن الحضانة أصبحت مشروع.. أي واحد عنده شقة وعايز يعمل مشروع يفتح حضانة والضحية بتكون الأطفال اللي بتحصلهم عقد زي مريم
*******
إيش اللي حصل لمريم بعد كده؟
مريم بقيت لمدة أسبوع تحلم بأنها في النار بتتحرق وتصحى من النوم بتصرخ
آه.. نسيت أقولكم.. مريم ماعديتش بتسقي الورد زي زمـان