تلك هي قاتلتي
تترنح بين أنامله الناحلة، وتتنقل بين أضراسه المائلة إلى الصفرة، أنظر مليّاً إلى ذلك الوجه الشاحب الذي يعلوه السمرة، و إلى تلك العينين المليئتين بتلك الشرايين المبعثرة،يُهيّأ لي بشجرة أغصانها الشوك، وأوراقها متساقطة الدهر، وزهرها ينثر منها رائحة الخبث...وددت لو أن أجعل من جرحه برداً،ومن آهاته ألحاناً،أو حتى من أنفاسه عبيراً...ولكن ماذا بعد؟نعم...هي التي راودته عن نفسه،أصبحت تشغل عقله وفكره وحتى هواجسه،يرتاد إليها متى شاء.وها هو الآن فبعد أن تمّ اللقاء، و لمّ شمل الأعداء أوقعته في نارٍ لهيبها السقم، وزفراتها الصمت، وعاقبتها الموت...وأما أنا فقد تركني أغوص في بحر لجّيّ تائهة،ترتطم بي الأمواج، وتتحطم في أرجائه الأفلاك، باحثة عن طريق مآله الحياة و النجاة...نعم، هو الذي استبدلني بها...لطالما أبكي على تلك الأيام التي أبقتني في أحضان الطفولة لا أعرف سوى أمي وأبي وجدران عزلتي...فقد كنت أعيش في مروج خضراء،و جبال ترفض الذلّ إلاّ العلياء، وألعب على ضفاف النهر بذلك الماء.فلم أكن أتصور أن المأوى الذي سأحلّ به أرض قحطاء،ماؤها الأجاج، وقلوب ساكنيها ملؤها المكر والبغضاء، وعقول قد سكرت بأقوال قد ترددت طيلة أيامي:"الموت هو حاجزي عنك." أكنت مجرد ساذجة تتلاعب بها الأرياح أو حتى ورقة تتكور في أيد هوجاء؟... وها هو مرة أخرى يطلب مني البقاء بعد أن طال الرجاء، وهو بين جنبات الكفن. ولكن هيهات هيهات بعد أن اتخذ من سجائره مهوىً لفؤاده، وحاجزاً لهنائه، وشريكة لي في أحلامي، وصنع أقداري...
...........بقلمي